تعد مدينة نالوت، أو لالوت كما ينطقها الأهالي، والمتربعة على قمة جبل نفوسة بليبيا، واحدة من أعرق المدائن في شمال أفريقيا. تقع نالوت في منتصف الطريق بين مدينتي طرابلس وغدامس، ويحتفظ معظم أهلها بلغتهم الأمازيغية. كان للمدينة دور كبير في الربط التجاري بين ليبيا، وبقية دول المغرب العربي في العصور القديمة، إذ كانت تمر بها القوافل، كما كان لها أثر معروف في نشر الإسلام في أفريقيا. وهي مدينة ذات موقع مرتفع حصين يحيط بها وادي نالوت من ثلاثة اتجاهات.
أطلال القصور القديمة والمنازل الأثرية والمساجد الطينية العتيقة بالمدينة، هي المعالم الرئيسية التي يحاك حولها الأساطير والخرافات، وهي عامل الجذب السياحي الأول.
نظراً للإهمال الكبير في تدوين التاريخ الأمازيغي والحفاظ على تراثه؛ فقد فقدت المدن من حوادث نشأتها وملابسات بنائها، ومن بينها نالوت، والتي يكتفي المؤرخون بإثبات أنها تسبق وجود الرومان الذين احتلوا المنطقة واستغلوا قصورها منذ سنة 64 قبل الميلاد، فشيدوا فيها الحصون العسكرية. ويذكر أنَّ المؤرَّخ، سالوست، كان أوَّل روماني يعين حاكماً على نالوت.
اعتنى بذكر نالوت العديدُ من الرحَّالة والمؤرَّخين، فذكرها العلامة الليبي، أبو العباس الشماخي، (توفي سنة 928هـ) في كتابه (سير المشياخ) بأنها: "مدينة الأشياخ والعلم". كما وصفها العديد من الرحالة الغربيين مثل الفرنسيين، هنري دوفيريه، سنة 1860م، وجورج ريمون سنة 1912م. فيما يُعَدُّ كتاب "القصور والطرق لمن يريد جبل نفوسة من طرابلس 1303 هـ - 1885 م" أهم المصادر التي تتحدث عن معالم المنطقة، وقد ألّفه بالأمازيغية الشيخ، إبراهم سليمان الشماخي، وترجمه للعربية أحمد الفساطوي.
إقرأ أيضاً: هذا ما فعلته يد التطرف بتراث العالم
أما أشهر معالم المدينة، فهي "قصر نالوت الكبير" الذي يرجح أنه يعود للقرن التاسع قبل الميلاد، و"قصر تيغيت"، وتلك القصور كانت تستخدم لتخزين الحبوب والثمار والزيت والسمن والصوف في أوقات الشدائد والحروب، كما كان القصر بمثابة الحصن؛ فكان يستخدم كقلعة في زمن الحروب، إذ أنَّ أسوارهُ عصيَّة على الاختراق. وهناك أيضاً، في نواحٍ قريبة من نالوت، قصر "الدروج" الذي يسبق في تاريخ إنشائه قصر نالوت الكبير. و"قصر الثلثيين"، و"قصر داقيجي"، و"قصر تكويت"، و"قصر أبو يحيى"، و"قصر سيدي صالح"، و"قصر أزطوان"، و"قصر تيندار". كما توجد خربة "تاغرويت" التي تضم آثاراً قديمة.
وبعد الفتح الإسلامي، انتشرت المساجد ذات العمارة الطينيَّة المميزة، والتي جمعت بين الطابع الإسلامي في المعنى، والشكل الأمازيغي التقليدي في الشكل، مثل "مسجد تندار العتيق" الجامع، وهناك أيضاً "الجامع الأعلى" ثاني أقدم مساجد نالوت، ثم "جامع أولاد يحي" والمعروف بجامع القصر، و"جامع العساكرة"، و"جامع سيدي خليفة"، وجامع "الإمام جابر بن زيد"، و"مسجد أقنان" و"مسجد قصر تكويت" الذي هو عبارة عن غار تحت القصر، وغيرها العديد من المساجد الأثرية. إضافة إلى عشرات الأضرحة للعلماء الذين تضمهم المدينة العتيقة، والتي ما زالت حتّى الآن تشكل مقصداً للسياح وكثير من سكان المنطقة.