أثار بيان جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" المتعلق بإرتفاع عدد جرائم قتل النساء والفتيات خلال الأشهر 10 الأولى من عام 2016 بنسبة 53% مقارنة مع نفس الفترة من عام 2015 (26 جريمة عام 2016 مقابل 17 جريمة عام 2015)، أثار موجة إستنكار وغضب وإستهجان على مختلف المستويات، وطرح تساؤلين رئيسيين أولاً لماذا؟ والثاني ما الحل.
وتشير "تضامن" الى أن الإجابة عليهما تدخل في إطار الرصد البناء لمثل هذه الجرائم والتي تكون النساء والفتيات ضحاياها كونهن نساء، فلماذا تقتل النساء والفتيات؟ ولماذا هذا الإرتفاع في عدد الجرائم؟ تعتقد "تضامن" بأن الإجابات حاضرة عند الكثيرين كالأوضاع الاقتصادية والمعيشية المتردية وزيادة أعداد اللاجئين وسلوك النساء والفتيات، لا بل هي جاهزة بالفعل لدى الجناة الذين في معظمهم هم أقارب الضحايا حتى لو كانت دوافعهم المعلنة لا تمت بصلة في أحيان كثيرة عن الدوافع الحقيقية كذريعة "الشرف"، وذلك بهدف الإستفادة من تعاطف المجتمع "الذكوري" وتساهل القانون مع مرتكبي مثل هذه الجرائم.
وفي الوقت الذي تدخل فيه أسباب إرتكاب تلك الجرائم وإزدياد معدلاتها ضمن نطاق التحليل العلمي المعمق لكل حالة لوحدها من مختلف النواحي القانونية، الاجتماعية، الاقتصادية، الصحية والنفسية، فإن التركيز على الإجابة عن السؤال الثاني حول المطلوب لمنع أو الحد من الجرائم المرتكبة بحق النساء والفتيات يبدو أكثر إلحاحاً لوقف نزف دماء البريئات.
وتقترح "تضامن" إتخاذ عدداً من الإجراءات وبصورة عاجلة بهدف التصدي لجرائم قتل النساء والفتيات وضمان عدم إفلات مرتكبيها من العقاب وهي كالتالي:
إنشاء مرصد وطني لحالات قتل النساء والفتيات
من ضمن الجهود التي تبذلها "تضامن" لرصد حالات قتل النساء فإنها توثق الجرائم التي ترد لمركز الإرشاد التابع لها وتلك التي تنشر في وسائل الإعلام المختلفة، إلا أنها في ذات الوقت تطالب بإنشاء مرصد وطني تشترك فيه مؤسسات المجتمع المدني كـ "تضامن" واللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة والمجلس الوطني لشؤون الأسرة مع الجهات القضائية ممثلة بوزارة العدل والجهات الحكومية الأخرى كوزارة التنمية الاجتماعية ومديرية الأمن العام والطب الشرعي ودائرة قاضي القضاة ودائرة الإحصاءات العامة وغيرها من المؤسسات ذات العلاقة، بهدف وضع الإستراتيجيات الدقيقة والفعالة لمنع و/أو الحد من هذه الجرائم، وذلك من خلال جمع البيانات المتعلقة بتلك الجرائم ومرتكبيها وأسبابها ودوافعها وعلاقة الجناة بالمجني عليهن وجنسياتهم، ومناطق وأماكن إرتكابها، والأحكام القضائية الصادرة بحق الجناة وتتبع حالاتهم بمراكز الإصلاح والتأهيل، والكشف عن الجرائم المرتكبة ضد النساء والفتيات والتي يتم إخفائها بذرائع مختلفة كالإنتحار.
وسيسهم المرصد في إصدار بيانات تفصيلية ذات مصداقية عالية تجعل من التدابير والإجراءات المتخذه تصب في الإتجاه الصحيح، ويقدم التوصيات لمختلف الجهات ذات العلاقة والتي من شأنها منع و/أو الحد من الجرائم.
تقديم الخدمات للناجيات من العنف وحمايتهن مع التركيز على النساء والفتيات اللاجئات
على الرغم من وجود خدمات إجتماعية ونفسية وصحية للنساء والفتيات المحتمل تعرضهن للعنف أو الناجيات منه، في العديد من مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الحكومية، إلا أن هذه الخدمات خاصة الإيوائية منها لا زالت تشكل عائقاً أمام تقديم الحماية الضرورية والفعالة لهن.
ويزداد الأمر سوءاً مع الأعداد الكبيرة من اللاجئين في الأردن، والحاجة الملحة لوجود مثل هذه الخدمات لللاجئات اللاتي يتعرضن لأنواع مختلفة من العنف بالإضافة الى ما تعرضن له أصلاً من صدمات نفسية ومشاكل جسدية وصحية بسبب النزاعات والحروب.
وتعتقد "تضامن" بأن التركيز على تقديم هذه الخدمات للنساء سيكون بمثابة الإجراء الوقائي الحاسم في منع إرتكاب جرائم قتل بحقهن.
رفد المراكز الأمنية بالشرطة النسائية وبأعداد كافية وبناء قدراتهن في مجال العنف ضد النساء
إن القضاء على ثقافة الصمت لدى النساء والفتيات المعنفات بعدم إبلاغ الجهات الرسمية عند تعرضهن لأي شكل من أشكال العنف، يرتبط مباشرة بتغيير الثقافة المجتمعية السائدة والتي تدين ضمنياً مراجعة النساء للمراكز الأمنية لوحدهن تحت أي سبب كان. وكخطوة أولى يمكن توفير شرطة نسائية في المراكز الأمنية لإستقبال حالات العنف مما يفسح المجال أمام المعنفات من التحدث بحرية ووضوح ودون حياء. وبناء قدراتهن لإستقبال هذه الحالات وتشخصيها وتوصيفها بالصورة الصحيحة.
تعديل التشريعات الجزائية
وتشير "تضامن" الى ضرورة تعديل بعض النصوص التشريعية في قانون العقوبات الأردني لعام 1960 وتعديلاته، خاصة الأحكام المتعلقة بإسقاط الحق الشخصي في الجرائم المرتكبة بذريعة "الشرف"، وأيضاً على وجه الخصوص المواد 98، و 99، و340 منه.
تنص المادة 340 ":
1. يستفيد من العذر المخفف من فوجئ بزوجته او إحدى أصوله او فروعه او أخواته حال تلبسها بجريمة الزنا او في فراش غير مشروع فقتلها في الحال او قتل من يزني بها او قتلهما معاً او اعتدى عليها او عليهما اعتداء أفضى الى موت او جرح او إيذاء او عاهة دائمة.
2. ويستفيد من العذر ذاته الزوجة التي فوجئت بزوجها حال تلبسه بجريمة الزنا او في فراش غير مشروع في مسكن الزوجية فقتلته في الحال او قتلت من يزني بها او قتلتهما معا او اعتدت عليه او عليهما اعتداء أفضى الى موت او جرح او ايذاء او عاهة دائمة.
3. ولا يجوز استعمال حق الدفاع الشرعي بحق من يستفيد من هذا العذر
4. ولا تطبق عليه احكام الظروف المشددة".
كما تنص المادة 98 بأنه : "يستفيد من العذر المخفف فاعل الجريمة الذي أقدم عليها بسورة غضب شديد ناتج عن عمل غير محق وعلى جانب من الخطورة أتاه المجني عليه".
وتنص المادة 99 ":إذا وجدت في قضية أسباب مخففة قضت المحكمة:
1. بدلاً من الإعدام بالأشغال الشاقة المؤبدة أو بالأشغال الشاقة المؤقتة من عشر سنين الى عشرين سنة.
2. بدلاً من الأشغال الشاقة المؤبدة بالأشغال المؤقتة مدة لا تقل عن ثماني سنوات وبدلا من الاعتقال المؤبد بالاعتقال المؤقت مدة لا تقل عن ثماني سنوات.
3. ولها أن تخفض كل عقوبة جنائية أخرى الى النصف.
4. ولها أيضاً ما خلا حالة التكرار ، أن تخفض أية عقوبة لا يتجاوز حدها الأدنى ثلاث سنوات إلى الحبس سنة على الأقل".
التركيز على محاربة الأشكال والأنماط الجديدة من العنف ضد النساء والفتيات
إن التصدي للإرهاب والتطرف العنيف سيحمي النساء والفتيات من العنف كونهن ضحايا لهما بأشكال مختلفة، وعلى أي سياسات أو إستراتيجيات أو برامج من شأنها مواجهة الإرهاب والتطرف أن تأخذ بعين الإعتبار الإحتياجات الخاصة للنساء وحمايتهن وتقديم الخدمات لهن عند التعرض لأي شكل من أشكال العنف بسببهما.
كما أن النساء والفتيات على وجه الخصوص يتعرضن لمختلف أشكال الجرائم العنف الالكتروني عند إستخدامهن لوسائل التكنولوجيا الحديثة وعلى وجه الخصوص افنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي التي تنامت فيها ظاهرة التحريض والحث على إرتكاب العنف وعدم تقبل الرأي الآخر.